مثال التخصيص به قوله تعالى: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [الرعد:16]، فالعقل دل على أن الله لا يخلق نفسه.
وقد اختلف في عد العقل من المخصصات، فقال بعض العلماء إنه ليس مخصصًا؛ لأن ما دل العقل على عدم دخوله تحت اللفظ لا يكون اللفظ موضوعًا له أصلاً، فالله جل وعلا غير داخل في لفظ (شيء) المذكور في الآية فلا حاجة إلى القول بتخصيصه[1].
وقال أكثرهم: إنه من المخصصات؛ لأن لفظ (كل شيء) موضوع في اللغة للعموم، وفي هذه الآية لا يمكن حمل اللفظ على عمومه لدلالة العقل على خروج الله جل وعلا وصفاته من هذا العموم.
ويظهر أثر الخلاف عند من يقول: إن العام قبل التخصيص قطعي وبعده ظني، فإنه إذا عد العقل مخصصًا عد العام المخصوص به ظنيًا، وقد رأيت بعض علماء الحنفية الذين ذهبوا إلى التفريق بين العام المخصوص والعام المحفوظ قد جعل المخصوص بالعقل باقيًا على قطعيته ما لم يخصص بدليل آخر.
وأما الجمهور فإنهم إذا عدوا العقل مخصصًا فإن العام غير المخصوص عندهم أقوى من المخصوص بالعقل أو بغيره من الأدلة.