هو: الحديث الذي ظاهره الوقف على الصحابي، إلا أنه قد انضم إليه قرينة تُبيِّن كونه مرفوعًا إلى النبي ﷺ.
ولذلك صور، منها:
1- قول الصحابي: كنا نفعل على عهد رسول الله كذا، أو حكايته أن هذا فُعِلَ بحضرته ﷺ، وكذلك في زمانه ﷺ، ولا يَحْكِي إنكاره؛ فإن الزمان زمان وحي، ولو كان مُحَرَّمًا لأوحي إليه؛ ومنه:
قول أُبَيِّ بن كعب رضي الله عنه، وسئل عن فُتْيَا زيد بن ثابت رضي الله عنه في الذي يجامع ولا ينزل، فقال: «كنا نفعله في عهد رسول الله ﷺ فلم نغتسل[1]»[2].
2- أن يُصرِّح الصحابي بأن هذا الفعل من السُّنَّة؛ ومنه:
ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: «مِنَ السُّنَّةِ: أَنْ لاَ يُحْرِمَ بِالحَجِّ إِلَّا فِي أَشْهُرِ الحَجِّ»[3].
3- أن ينص الصحابي على أن هذا الفعل مما ورد به الأمر؛ كقوله: أمرنا بكذا، ومنه:
ما جاء عن مُصْعَبِ بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: «رَكَعْتُ فَقُلْتُ بِيَدَيَّ هَكَذَا -يَعْنِي: طَبَّقَ بِهِمَا وَوَضَعَهُمَا بَيْنَ فَخِذَيْهِ- فَقَالَ أَبِي: قَدْ كُنَّا نَفْعَلُ هَذَا، ثُمَّ أُمِرْنَا بِالرُّكَبِ»[4].
4- والنهي مثله؛ ومنه:
حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: «نُهِينَا أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ»[5].
5- ما ورد عن الصحابة رضي الله عنهم في أسباب النزول؛ ومنه:
حديث جَابِرٍ رضي الله عنه قال: «كَانَتِ اليَهُودُ تَقُولُ: مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ مِنْ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا جَاءَ الوَلَدُ أَحْوَلُ، فَأَنْزَلَ الله عَزَّ وَجَلَّ ﱡﭐ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ﱠ »[6].
وهذا بخلاف تفسير الصحابة؛ فليس من هذا الباب[7].
6- ما يخبر به الصحابي مما لا مجال للاجتهاد فيه؛ كأخبار يوم القيامة، وأخبار آخر الزمان... شريطة أن لا يُعرف عن هذا الصحابي الأخذُ عن أهل الكتاب أو الاطلاع على كتبهم.
وكذلك الإخبارِ عمَّا يَحْصل بفِعْلِهِ ثوابٌ مخصوصٌ، أو عقابٌ مخصوص، أو حكم مخصوص لا يدرك بالاستنباط[8]؛ ومن صور ذلك:
ما ورد عن ابن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعروة بن الزبير رضي الله عنهم أنهم قالوا: «جَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ إِلَّا بَطْنُ مُحَسِّرٍ».
قال الطحاوي: (وهذا ممَّا لا يُقالُ بِالرَّأيِ، ولا بِالاسْتِخْرَاجِ، ولا بِالقياسِ؛ وإِنَّما يُقَالُ بِالتَّوْقِيفِ من رسول الله ﷺ ...)[9].
وهذا الأمر مرجعه إلى اجتهاد العالم؛ فما يراه واحد لا مجال للاجتهاد فيه ربما عرف آخر مدخل الاجتهاد إليه؛ وعليه يختلف حكم أحدهما عن الآخر في اعتباره مرفوعًا أو موقوفًا[10].