حجم الخط:

[الدعاة والمشاركة الإعلامية]

وهذا ما نعنيه تمامًا عندما نتحدث عن المشاركة الإعلامية: أن نخالط الناس لنرشدهم للخير وننهاهم عن الشر؛ لأن هذا هو التطبيق المعاصر لخُلطة الناس المذكورة في الحديث، فالإعلام اليوم هو المجال الأكبر للتعامل مع الناس؛ إنه يدخل البيوت ويتغلغل في الأفكار ويعطي كل إنسان ما يناسبه أو ما يلهيه، بدءًا من الطفل، ومرورًا بالشباب، وانتهاءً بالكبار، كلٌّ يجد فيه حاجة من نوع ما.

فضلًا عن ذلك فهو وسيلة المجتمع للتعبيرعن حضارته وتوجهه، وهو وسيلته للتواصل مع أصحاب القرار وإرسال رسائل إلى الداخل والخارج.

وهو أيضًا وسيلة الغزو الثقافي والتمهيد لتدخل الدول الخارجية، ويمكنه أن يتحول لسلاح في يد أعدائنا.

ولو افترضنا أنْ اعتزل الدعاة هذا النوع من التأثير في الناس، فماذا سيبقى لهم؟:

هل ينزوون في المساجد، ولا يتعاملون إلا مع من يؤمها؟.

هل يتركون الناس فريسة لأفكار قد تكون منحرفة أو مفسدة تتداولها وسائل الإعلام؟.

كيف سيبلِّغون واجب الله تعالى عليهم في الدعوة؟ وكيف سيوضِّحون الحقائق ويميزون بينها وبين الأخطاء إن هم تركوا مجال العمل الإعلامي؟.

بل، كيف سيطبِّقون واقعًا دعويًّا يرى الناس من خلاله أن دعوتنا لتعبيدهم بكل أوجه الحياة ممكنة التطبيق، إن لم يكن تطبيقهم للدعوة شاملًا أوجه الحياة فعلًا، متمثلة في مثال الإعلام: حين يرون السياسة من وجهة نظر الإسلام، وكذلك: الثقافة والرياضة والفن والترفيه من الزاوية النظيفة التي يمثلها الإعلام الإسلامي؟.

فكأننا بمشاركتنا الإعلامية- وبأقل الإمكانات- نُرِي الناس أنموذجًا عمليًّا لما ينبغي أن تكون عليه تلك الأوجه المتنوعة للحياة.

وكيف يتراجع الدعاة أمام غزو الأعداء ومحاولة تفريغ مجتمعاتنا من معاني الاستقلال وقوة الإرادة والإحاطة بالمكر والخداع الذي يمارسه الإعلام الموجه من الخارج أو من بعض أبناء الأمة المنحرفين من الداخل؟.

هل يترك الدعاة إلى الخير غيرهم يبرزون ويؤثرون في الناس وينظر إليهم على أنهم قادة المجتمع وسادة الناس، بينما قد لا يكونون أهلًا لهذا التميز أو البروز، وفي وقت الجد لا يسمع الناس للدعاة لكونهم لا يعرفونهم ولا يسمعون عنهم؟.

كل تلك الأسباب التي تسوقها التساؤلات السالفة تبين أهمية المشاركة الإعلامية، التي يجب على الدعاة أن يولوها اهتمامًا وعناية فائقين متناسبين مع حجم التأثير المتوقع.

شاركنا تقيمك لجودة المحتوى
أضف ملاحظة