حجم الخط:

[أقسامه]:

فالتأويل الصحيح: حمل اللفظ على الاحتمال غير المتبادر للذهن بدليل قوي يقتضي ذلك.

والتأويل الفاسد: حمل اللفظ على الاحتمال غير المتبادر للذهن بدليل ضعيف لا يقوى على صرف اللفظ عن ظاهره.

والمؤوَّل هو: اللفظ المصروف عن ظاهره بدليل، فإن كان الدليل قويًا يقتضـي رجحان الاحتمال الذي كان مرجوحًا لولاه فهو تأويل صحيح وإلا كان باطلاً.

مثال التأويل الصحيح: تخصيص العام بدليل خاص، مثل تخصيص قوله تعالى: ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ [البقرة:275] بالأحاديث الدالة على تحريم البيع على بيع أخيه، والبيع مع النجش، وبيع الحصاة ونحوه من بيوع الغرر.

فحينئذ نقول: هذه الآية مصروفة عن عمومها الذي كان هو المتبادر من اللفظ، والصارف لها الأدلة السابقة.

ومثله تأويل قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ [النحل:98]، على أن المراد: إذا أردت قراءة القرآن، وليس المراد إذا فرغت من قراءته كما يفيده ظاهر اللفظ من حيث الوضع.

ومثله قوله تعالى: ﴿ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [المائدة:6]، فإنها مؤولة عن ظاهرها، والمقصود: إذا أردتم القيام للصلاة؛ لأن الوضوء يسبق القيام للصلاة.

ومثال التأويلات الباطلة: تأويل الحنفية حديث غيلان عندما أسلم وتحته عشـر نسوة، فقال له النبي : «أمسك منهن أربعًا وفارق سائرهن» [أخرجه مالك والدراقطني وابن حبان] على أن المراد: أمسك الأربع الأول منهن، أو على أن المراد ابتدئ نكاح أربع منهن.

ومما يبطل هذا التأويل أن الشبهة التي استندوا إليها لا تقوى على ترجيح ما ذكروه من احتمال بعيد؛ لأنهم قالوا: إن المتأخرات نكاحهن باطل فلا يجوز أن يختار منهن أحدًا إلا بعقد جديد.

والجواب: عن هذا أن الرجل الذي جاء الحديث في شأنه حديث الإسلام ولا يعرف شروط النكاح وأركانه، ولو أراد النبي اشتراط أن تكون الأربع هن المتقدم نكاحهن لبين له ذلك، ولَمّا سكت النبي عن بيان ذلك عرفنا أن الأمر متروك لاختيار الزوج.

ثم إن النبي قد أقر الكفار الذين أسلموا على أنكحتهم ولم يغيرها ولم يأمر بتجديدها مما يدل على أن الفرقة لم تحصل بمجرد الإسلام؛ إذ لو حصلت لم يخير.

وكذلك تأويلهم حديث: «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل» [أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي]، بأن المراد بها الصغيرة أو الأمة أو المكاتبة، ولا يخفى بعد هذا الاحتمال.

شاركنا تقيمك لجودة المحتوى
أضف ملاحظة